أنا والساحر وأسئلة الامتحان
وقعت أحداث هذه القصة قبل عام ونيف من صلح خيمة صفوان
إنه جنون الشباب ، إهمال واستهتار، ضياع وتسكع في الشوارع ، تسويف وآمال حسان .
وفجأة يستيقظ ذلك القلب الميت من داخلي فيصيح بصوت عال :
يا للمصيبة "الامتحانات أمامك والعار والشنار خلفك "
هناك بدأت انتفض ، أبحث عن حلول عاجلة أقلب بصري في تلك الكتب الجديدة ، انظر إلى السماء فينقلب بصري خاسئا حسير.
استجمعت قواي مرة تالية ، فتحت عقلي ، يا للهول 95% من عقلي ميح ( مساحة حرة ) و5% ضياع و دشرة ، ولا ملف يختص بالدراسة .
صرخت صرخة مدوية أخال أنه قد سمعها كل الجيران انسهم وجانهم .
أين الشباب ، أين أصدقاء الفلة ؟
أنقذوني من الضياع
والله لو رسبت غير الجماعة يأكلون لحمي وعظامي .
أين أنتم يا شباب ؟
آه ، لا مجيب .
ما أكثر الأصدقاء حين تعدهم ............. ولكنهم في النائبات قليلُ
لم يبقي لنا إلا نبرشم ، ولكن وش نبرشم وش نخلي
لقد انهرت تماما ، ولم يبقى أمامي إلا أن أواجه قدري المحتوم .
وفجأة يتلاشى اليأس ، وتوقد الشموع ، وينبت الأمل طفلا صغيرا .
رن جرس الهاتف خلاص يا الحبيب نجاحك مضمون عشر دقائق وأنا وعلي عندك ، بس دبر ثمانمائة ريال .
بالله قل لي وش السالفة يا فيصل ؟
لا ما أقدر بالتلفون بعد ما نتقابل .
انطلقت إلى الوالدة ذلك الحضن الكبير .
ما يخفاك ياأطيب وارق إنسانة أجر المحسنين ، وما أعده الله لهم من مثوبة .
قل وش تبغى ؟
ثمانمائة ريال سلف ، تعرفين أخر سنة وإن شاء الله أسجل في الجامعة وأسددك من المكافأة .
ناولتني المبلغ ، فخرجت إلى الشارع لانتظار الشباب .
كنت مزهوا بنفسي " لقد فليتها طول السنة والحين النجاح مضمون " .
وبينما أن غارق في أحلامي ، يا بو الشباب تعال اركب وش فيك مسرح .
وش القصة يا شباب ؟
حصلنا ساحر يحضر لنا الأسئلة ، وطلب منا الفين واربعمائة ريال ، وش رأيك ؟
وبعد يبغى لها رأي
والله ما قصرتم ، وأن ذاك البيت اللي قاله الشاعر في الأصدقاء مال أمه داعي .
اتجهنا إلى حي السبيل ، وهناك أوقفنا سيارتنا في أحد الشوارع المظلمة ، ومشينا على اقدامنا داخل الأزقة متخفين تحت ستار الظلام إلى أن بلغنا باب منزل شعبي صغير .
طرقنا الباب ففتح لنا أحد الأفارقة السود ، وسألنا عما إذا كان أحد قد شاهدنا فأخبرناه بأن ما عليه خلاف ، ثم أدخلنا إلى غرفة صغيرة شبه مظلمة ، حيث الساحر .
لقد كان منظره مخيفا ، وكانت أبخرة البخور تتصاعد في أرجاء الغرفة .
كان كل شيء من حولنا يبعث على الرعب حتى أنني كدت أن أُغرق نفسي من الخوف .
كان يتمتم بعبارات لا نفهمها
وفجأة استلم الشخص الأخر زمام الحديث وأخبرنا بأنه قد نقل للشيخ رغبتنا في الحصول على أسئلة الامتحانات ، إلا أنه ولخوفه من تغيير الأسئلة ، وحرصا منه على أن يكون صادقا معنا فقد اقترح تزويد كل واحد بحرز يحتفظ به في جيبه .
بإمكانكم الدخول بالكتب ونقل ما تريدون دون أن يكون بإمكان أي شخص رؤيتكم .
رحبنا بالفكرة ، ثم سلمنا المال ، وما هي إلا لحظات حتى عاد ذلك الساحر ليتمتم وبدأ في إشعال نيرانه ، ثم ناولنا ثلاثة حروز .
عدت إلى المنزل وخلدت إلى النوم والسعادة تغمر قلبي ، وفي اليوم التالي ذهبت إلى المدرسة وتقابلت مع أصدقائي .
كان مقررا بأن اختبر مع صديقي فيصل في قاعة بينما يختبر علي في قاعة أخرى.
بدأنا الاستعداد لدخول القاعات ، شمرنا عن سواعدنا ، ثم أخفينا الكتب تحت ملابسنا ، وانطلق كل منا إلى مقعده .
شرع الأستاذ المصري في التحذير من الغش وعواقبه فلم القي لذلك بالا ، ثم بدأ في توزيع أوراق أسئلة الامتحانات ، نظرت إليها فوقف شعر رأسي ، فتحت ازارير ثوبي وأخرجت الكتاب ونظرت إلى صديقي ، ثم أطلقت إشارة لسؤاله عما إذا كان يشاهد الكتب ، وما هي إلا لحظات حتى تلقيت الرد بعد أن أومأ برأسه ، فقلت في نفسي: شاهده لأن معه حرز مثلي .
وفجأة صرخ الأستاذ المصري وبدأ يشد شعره ، إيه اللي بتعملوه ده ، الناس بتدخل ببرشام وأنت داخل بكتاب !
لقد ضبطت متلبسا ، وسأكون علكة على كل لسان .
تم اقتيادي للإدارة وهناك انهرت فاعترفت للمدير بكل التفاصيل ، فتم استدعاء أصدقائي ، وجرى إبلاغ الشرطة.
انتقلنا معهم للإرشاد على منزل ذلك المشعوذ الدجال ، طرقنا الباب دون جدوى .
لقد هرب بعد أن استولى على أموالنا ، أدركنا بأننا قد وقعنا ضحية .
عدت للمنزل ، بدأت استعيد شريط إهمالي وإسرافي على نفسي ، ألملم جروحي ، واستعد للفشل .
كانت تجربة قاسية في حياتي ، فقد أخفقت في تجاوز الامتحانات .
كانت تجربة تعلمت منها الكثير. بدأت عام جديد ، هجرت أصدقاء السوء ، وكرست جهدي للعبادة والعلم .
وهاأنذا أقف أمامكم بعد أن حصدت تعب السنين .
طابت أوقاتكم بكل سرور وتمنياتي لكل طالب علم قريب إلى قلبي بالتوفيق والنجاح