وصيتي لمن بعدي

قبل سنوات مضت شرعت في كتابة وصيتي فوقعت عرضًا على وصية يوصي فيها حبيب لحبيبه بقلبه .
ثم وقفت على معاني تلك القصيدة الرائعة " ليس الغريب " فاستلهمت الحياة بكل آلامها فكتبت مستقيًا من جميل تلك الكلمات وصية أخرى غير تلك التي كنت اقصدها وهي :
وصيتي لمن بعدي
نوقن بفراق الشيخ الكبير حينما يكتب وصيته .
ونتألم حينما يكتبها من هو في ريعان شبابه
نتساءل أي يأس دفعه لوداع الحياة
وأي حزن كبير سكن قلبه .
ربما بحث عن السعادة فظل طريقها
ربما حاول انتشال روحه من بين تلك الأرواح التعيسة ففشل في ذلك
لقد عاد أدراجه يائسا قانطا منكسرا مبعثرا
ينتحب روحا سكنت بداخله
يعزي نفسه في بعض جميل وقته
تقترب يداه من أوراقه
ترتعشان
تمسكان بقلم الوداع
ويشرع في كتابة وصيته لمن بعده
يخطها بنزف روحه ودم قلبه ودموع عينيه
يستشعر فراق الوالدين فيتألم
ويسأل عن مصير تلك الزوجة والأطفال فيأسره الحزن .
وتعود به الذكريات إلى ذلك الماضي اللعين فيتمالكه الندم والخوف
يتذكر ظلمة القبر فيقشعر قلبه
يعزي نفسه في نفسه
لقد أمسى ذكرى تحمل على الأعناق
لقد هل عليه التراب
وطُوي صفحة من صفحات الماضي .
وهاهي الزوجة تنفض عن وجهها غبار الماضي
لقد مضى الزوج المسكين وماتت معه عهود المحبة والوفاء .
لقد أمست عروسا .
فحل مكانه رجل غريب يتحكم في شؤون أطفاله .
وغدا الأخوان على ماله فاقتسموه
وهام الأيتام في طرقات الحياة بلا مأوى ولا عنوان
وصيتي
لا لن تكوني سبب تعاستي فيما بقي لي من لحظات
لابد أن أُمزقك
أن تموتي
أن تسبقيني إلى الأكفان