كتاب معاذلة النفس "افلاطون "

يا نفسُ ، أنت صافية فلا تصحبي كدراً ، وأنت نيرة منيرة مضيئة بذاتك فلا تصحبي مظلماً ، وأنت حَيَّةٌ ناطقة فلا تصحبي ميتاً أبكماً ، وأنت عالمة عادلة فلا تصحبي جاهلاً جائراً ، وأنت نقية فلا تصحبي نجساً دنساً ، وأنت متصرفة بالتمييز والإرادة العقلية فلا تصحبي المتحرك بالهيام والالتباس والتشويش .
يا نفس ، ما أشغَلَ الغريق في الماء عن صيد السمك ، وكذلك ساكن الدنيا كم ينشغل بمقتنياتها ولذاتها ولهوها ولعبها عن خلاص نفسه ونجاتها ، إن فطن لسوء وقوعه فيها .
يا نفس ، يكفيك ، وأنت في عالم الحس ، ما تقاسينه من آلاتك وأضدادها وأوساخها ، فلا تضيفي إلى تلك الآلات شخصاً آخر ، فتكوني كالغريق المرتَهَن في البحر وقد حمل على عاتقه حجراً ، وما أرى أن غريقاً ينجو من البحر مجرداً بنفسه ، فكيف إذا حمل على عاتقه حجراً أو شخصا آخر غيره ، أجيبي الصدق يا نفس إن كنت تسمعين وتعين